بين أن يترك حياته غير مستقرة هنا وبين أن يعتنق جنونه وتطرفه ويستقر مع إمرأة غمرته بحبها وهرقت دموعها على قدميه هناك وراء البحر إحتار . تشابكت حساباته . لم يعرف رأسه من رجليه . شعر أن العمر يتقدم . يدنو من منطقة يائسة . يكرهها . لا يحتملها بتاتا . لماذا أطلق لمشاعره العنان . ؟. لماذا ركن في الدائرة التي فكر يوما أن يهجرها ولو منهزما . ؟. هل فكرت هي بالخروج من تلك الدائرة التي هندسها الحب .؟ . ملامحها حين يتمعن في تفاصيلها وتقاسيمها تقول أنه يجب أن يتشجع واحد منا . يتحدى . يستيقظ من غفوة العشق هذه التي ألمت بقلبينا . صار الامر ساخنا . جادا . لا وقت للف والدوران . أراد أن يفرغ لها يوما كل شيء لكنه تباطأ . شيء ما كبحه . صده . ألزمه الصمت . قبل أن يدخل عالم النت وعته عصر السرعة والتكنولوجيات الحديثة حلم أن يجرب ممارسة حياته وأحلامه هناك وراء البحر . لكن أبدا وأبدا لم يخطر بباله خيال إمرأة من أرض مجهولة التضاريس ومهبولة كالمرحلة التي يمر بها الآن . قال في سره " أقفز تعيش " . ثم أردف " إذا بقيت هنا في بلاد ميكي ستنسى مثل نبتة في صحراء مستوحشة بعيدة . " . هل كانت إكتشفت عماينطوي عليه قلبي وإحساسي كرجل يؤثر تحقيق ولو جزء يسير من رغبته في الحياة حتى ولو تطلب ذلك جرها الى عالمه المكتظ بالتعاسة والألم والسواد . ؟. خمس سنوات . بكاء . شوق . إنتظار . شوك وشكوك . ياربي . لماذا في هذا السن بالذات .؟ . اللعنة على النت .
- أليسندرا .
- نعم علي .
- ..............؟؟؟
- رغبتك .
مالذي لوى لساني . أحجمه . عقده . أدخلني في مهب السؤال الجارح . دائما أتهاوى قبالى ترددي . دوراني . سكوني . هل تجترح نفس العواطف معي .؟ . ربما . فلقد ضبطتها في العديد من المرات متضايقة . يكتنفها إحتمال مبهم . تجرها عربة الليل في طريق حالك . هي سبقتني في إختصار المسافة وتوضيح بعض الرؤى ورفع الستار عن مسرحية الحياة التي كانت تعيشها مع زوجها "ويلتون" . لماذا تأخرت في طرح مايتعلق بي من وجودي كزوج في الحياة . أعمل لأنفق أولادي الثلاثة مع أمهم . ؟. حتى لو أخبرتها حتما ستغضب ويركبها عفريت شرس . ساعتها " ماني بالقصعة ماني بلحيسها " . هي تحلف بالله الذي تعبده بطريقتها الإستثنائية أنها سعيدة معي وانها لم تمر بتجربة حلوة مثلما هي عليه الآن . أنا كذلك . نفس الكلمات أصبها في مسمعها طوال ليالي المطر والحرارة وغبار قريتنا الخانق . هل سيشفع لي حبي لها .؟. كأن أبسط أمامها مجموعة من الدلائل والذرائع . لأسمه هروبا الى الأمام أو ضبطي خائنا مع سبق الإصرار والترصد . ربما ترضى . تقتنع . هي العمياء بسبب حبي فكيف لاتتعامى . نعم . وماذا لو إكتشفت حقيقتي . ؟.هل تغفر .؟.التاريخ يدحض . يكذّب . لا يجامل . السياسيون و الفنانون كلهم غارقون في الخيانة و الرعونة والطيش ونداء الجنس . والنتيجة واحدة الخروج من الباب الضيق وسط لعنة الفن والسياسة والحب .. ياربي .؟ . مالذي ذهب بي الى هذا التشبيه . الفارق . الإحتكام .؟. أعرف مسبقا مدى شغفها . جنونها المتطرف . إنغماسها غير المشروط في دائرتي التي هندستها أو رسمها الحب لنا نحن الإثنين . يكفي . يكفي .. هي تحبك وانتهى الأمر . ألا ترى أنها قدمت روحها وحين شعرت بضآلة ذلك درجت الى إغراقك بصنوف المغريات الأخرى من المال والإقامة في أفخم الفنادق والتمدد على أجمل شواطيء الدنيا . أنت القروي الذي إستعجب وإستغرب وضرب كفا بكف فقط لأنك لم تعش سحابة شبابك في دنيا مثل التي بسطتها لك . لماذ ا كل ذلك ؟ . ألا يوجد في بلادهم رجالا . ذوي بنية قوية كالتي تدعي أنت .؟ . تتذكر جيدا يوم وصولك . الى أرض الهنود الحمر والأحراش والأدغال والغابات الغامضة . في رمشة عين وجدت نفسك تسبح في جزيرة ماؤه مختلف وبين أشجار فواكهها مفقودة في جميع بقاع العالم . ؟ تتنزه وتسبح وتأكل وترتاح على ملاسة الرمال الذهبية . هل كانت بتوفير شروط الراحة والطمأنينة تريد كسب الإنسان فيك أم الذكر ..؟. أم كانت تفتقر الى أبسط مشاعر الحنان التي تمنتها ولم تلتمسها في أي كان من بني جنسها . حد هذه اللحظات أنت لا تريد الإفصاح . إظهار ولو نزر قليل من الحقيقة التي تنام عليها . كم مرة استجمعت قواك . راودك الفضول . إعتملتك فكرة الذها بعيدا معها . الى أقصى درجات الحب والحلول والإتحاد . ثم تطيير الشظايا . إمساك أفعى اللحظة اللاسعة من رأسها . وضع النقاط على الكلمات الهلامية . المنطمسة . المختفية بأمر الحب . هل صاحبها هذا التخمين . ؟. إلحاحها في المجيء الى هنا . الى منبتي . يكرس ماأقول . إذن أين السلاح . ؟ . الدموع وحدها لا تكفي . ستحتقرني . أسقط دفعة واحدة من نظرها . أغدو مجرد كلب لهث يوما وراء ها . قضى وطره ثم انسحب مع عدم ترك أية بصمة في مكان الجريمة . فكرت . أعطيت جهدا معتبرا لما أمر به . وبالمقابل كانت زوجتي بالبيت . تشيد أحلاما متناقضة . متباينة . " لو وجدت عملا هناك أول شيء تفعله هو ترميم السكن . " .. " المهم تتيسر الأمور " أجبتها دون أن أظهر ماتنطوي عليه القصة . كنت أرى في هذه الأخيرة أحلامي المتخبطة في دمها وأحاول مرة تلو الأخرى ترقيع مايمكن ترقيعه فهي لا تعلم اللغة التي أتحدث بها مع أليسندرا . تعرف فقط كيفيةالحصول على عمل يخرجنا من حالة الفقر التي وجدنا أنفسنا نتخبط أمامها . بين يقظتي وغفوتي أسئلة رهيبة وخطيرة تمر بي . لا أكاد انتهي من سؤال حتى ينقض علي آخر . بعض الإصدقاء إندهشوا . كيف استطعت الإلمام بلغة غريبة مثل البرتغالية في ظرف ثلاثة أشهر . طبعا أيامها كنت قمت برقية شرعية وزيارة ضريح سيدي رابح حتى أبعد العين والحسد . نوع من اليقين بالنفس . إستعداد لما يأتي . والتهرب من زاوية الى أخرى بعيدا عن أهل سين و جيم . عندما يكبس الظلام على القرية أضغط على زر الحاسوب وأبدأ . في البداية أقوم ببعض التمرينات على اللغة البرتغالية حتى لا أتعثر أمام جمالها الصارخ كأن أقول لها . " أيتها الهاربة منها إليها سيأتي زمان وتتغمدك السعادة . ستنزعين اوجاعك وتسبحين في بحري الرحيب . أعلم أنك مجروحة من قبل وطن الذي هو وطنك . وماسنه من قوانين يسرق بها سعادة المرأة وفرحها الذي ظلت تنشده زمنا . المصيبة أن السياسيين لا يفكرون في العشق والعشاق حين يضيفون أو يمحون بعض المراسيم والقوانين . لا يهمهم الطريقة التي يتعامل بها الرجل مع زوجته . فالوقت خلق للإقتصاد والحساب وعدد السنين . أنا كذلك هنا . في قريتي . حيث الغبار وبرد الليالي الطويلة حذاء موقد الفحم أنتظر ميلاد نبي يغير تلك النواميس التي وضعها أهل الليل خفية عن عيون السذجة من أمثالي . هل التقينا صدفة .؟ . أم أن الذي يحدث في بلدي وبلدك كان سببا في لقائنا . للآن مازلت أتساءل .؟ غير أنه يتلبسني بعض الحزن حين أرى الشمس التي تشرق هناك هي نفسها مشرقة هنا . وأسأل لماذا نحن مازلنا في قائمة العالم الثالث ؟ أتجرع هزائمي ببطء . طبعا أنت كذلك كنت تشعرين بذلك لكن على مستوى العلاقات الإجتماعية غير أنك خائفة من شيء تترصدينه أثناء حديثي معك عبر الأثير من خلال النت . تلك مسألة نتركها للزمن . فالزمن له كذلك دور في مصائرنا وإلا ماكان موجودا البتة . " . مضمضت فمي . طرحت على الأرض لعابا حامضا كالذي أشعر به وأنا متمدد أمام نشرة الثامنة وماتبعثه على الملل والقرف . سويت من جلستي . " لابد أن تراني في أجمل هيئة . منذ أسبوع رميت الزوجة والأولاد الى صهري . .الليلة حاكمة معاها . سنغدو عصفورين هاربين من جنتهما المفقودة . أعرف مسبقا أنها ستبكي . شوقها والتياعها وحالة هيجانها الجنسي كل ذلك يدفعها الى النشيج . وسأواسي مصابها الجلل . سأنساني . فقط أتركها تراني كملاك سماوي . يعرف سر الحب و يمنح للعلاقة دفئها و سحرها .. هل أخبرها أني مرتبط منذ سبع سنوات وفي عنقي ثلاثة أولاد كلهم ذكور . هنا تبدل حالي . هاجمتني أفكار شتى . عبرت النهر والبحر والمحيط وحين بقيت الجزيرة وجدتني أنشد النجدة والخلاص . في زيارتها الأخيرة الى قرية الغبار والبرد والهواء الحامض ونشرةالثامنة المنافقة راقبت كل شيء . أومأت بنظرها الى قلبها لكنها لم تبح . لم تتساءل . لم تتشظ أو تنفجر . لملمت هواجسها في صدرها وعاملتني كأن لا شي جذب بصرها . أنا كذلك لم أعطها الفرصة حتى تسأل . فالفراش أخذ معظم وقتنا بل كلما رأيتها تستوفز لإطلاق صاروخ من سؤالاتها إلا أيقظت رفيقى كما جاء في رواية أنا وهو لأبرتو مورافيا . ربما كنا نداري حاجتنا الملحة الى شيء أهم مما تصورته سلفا وتعذبت بسببه أياما وليالي . عادت الى بلدها دونما شك أو أنها فكرت في اللحظة التي سوف تنقض علي فيها . فالضيف لايمكن له أن يكون ثقيلا بأسألته . فطرة في الإنسان . طبيعة . خلقة . . بدأت حديثي بمدحي لها . حتى وإن كانت غير محتاجة لمدحي و إطرائي . فقبلي كانت قد جربت الحب والمدح والقدح . إذن " وين يبان خيطي في البردعة " . وسألتني تلك الملابس التي في الخزانة لمن هي ؟. تجمد الدم في العروق . تبعثرت الصور والأفكار . سافرت ورجعت في لحظات . ياربي . وصارحتها . دفعت خزانة الأسرار الزجاجية على الأرض . خرجت الزوجة والأولاد والسبع سنين . إحمرّت عيناها وإسوّدت الحياة قدامي . قلت قتلتها . القلب الذي كان طلب المنفى طردته . كيف لرجل يحلم بوطن على الإقل مثل وطنها على مستوى الإقتصاد ينكأ جرحها ويبهدلها . كانت دموعي تسيل . ومشاعري ركبتها موجة نار لاهبة . حين قرأت في الإطار المسموح الكتابة فيه بالمسنجر . أنا لا ألومك إنما ألوم الفقر .غير أني هنا حاربت الفقر وقتلته فلماذا لا تجرب قتله في وطنك . هذا لا يعني اني سوف أقطع العلاقة التي تربطنا ولكن دعني وحيدة هذه الليلة . على الأقل هذه الليلة . تشاو ...؟